تمكين: الظلم والفساد والمحسوبية تعيق العدالة الاجتماعية بالأردن
قالت تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الانسان، إن هنالك عقبات تقف أمام تحقيق العدالة الاجتماعية منها غياب الحرية وانتشار الظلم والفساد والمحسوبية، وعدم المساواة في توزيع الدخل بين الأفراد على المستوى المحلي أو الوطني بحيث يختلف الدخل باختلاف العرق أو الجنس أو غير ذلك.
وفي بيان أصدرته بمناسبة اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية الذي يصادف العشرين من شباط من كل عام، أكدت أن العدالة تضمن تمتع الجميع بفرص متساوية وتحميهم من شتى المخاطر الحياتية، لافتة ان مشوار العدالة الاجتماعية والحماية الاجتماعية في الأردن لا يزال طويلاً ، برغم أن خطوات عديدة قطعت في هذا الاجانب، لكن ما تزال هناك تحديات في التشريعات والبرامج والتنفيذ، وآلية اتخاذ الخطوات، بحيث تكون شمولية وليست متجزئة.
وشدد البيان على ضرورة السعي إلى تحقیق العدالة الاجتماعیة، وتعزيز البرامج الخاصة لتحقيق ذلك لمعالجة قضايا مثل الفقر والبطالة والحماية الاجتماعية الشاملة، وتوفير بيئة عمل لائق للعاملين جميعأ دون تمييز، وتحقيق مستوى معيشي لائق، مبينا انه رغم وجود برامج حماية اجتماعية في الأردن قائمة على الاشتراكات مثل الضمان الاجتماعي أو غير قائمة على الاشتراكات مثل الدعم المقدم من التنمية الاجتماعية الا أن هنالك ضعف في منظومة الحماية الاجتماعية، خاصة أنها لا تشمل جميع أفراد المجتمع حيث إن برامج الحماية الاجتماعية غير شاملة لجميع القطاعات وتحديدا العاملين في القطاع غير المنظم.
وعند الحديث عن العمال سواء اردنيين او وافدين، يؤكد البيان ان العمال بعيدين عن منظومة العدالة الاجتماعية، خصوصاً في ظل تدني الأجور التي لا تتناسب مع خط الفقر، وبالتالي فإن العامل لا يلبى احتياجته بالتساوي مع العمال الذين يتقاضون أجوراً عالية "كذلك هنالك غياب للسلامة والصحة المهنية في كثير من بيئات العمل، وعدم شمول العمال المهاجرين مثل عاملات المنازل في الضمان الاجتماعي".
وتنص المادة 25 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان على "لكلِّ شخص حقٌّ في مستوى معيشة يكفي لضمان الصحة والرفاه له ولأسرته، وخاصةً على صعيد المأكل والملبس والمسكن والعناية الطبية وصعيد الخدمات الاجتماعية الضرورية، وله الحقُّ في ما يأمن به الغوائل في حالات البطالة أو المرض أو العجز أو الترمُّل أو الشيخوخة أو غير ذلك من الظروف الخارجة عن إرادته والتي تفقده أسباب عيشه".
وتبنت منظمة العمل الدولية إعلاناً بعنوان (العدالة الاجتماعية من أجل عولمة عادلة) في العاشر من شهر حزيران/يونيو عام 2008، وتبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الثالثة والستين في التاسع عشر من شهر كانون الأول/ديسمبر عام 2008.
وتضمن الإعلان العديد من البنود أهمها، تحقيق العمالة الكاملة (أي القضاء على البطالة بشكل كامل وضمان فرص العمل للجميع)، تحقيق التماسك الاجتماعي من خلال محاربة الفقر والقضاء على التمييز وعدم المساواة بمختتلف أشكاله سواءً بسبب الجنس أو العرق أو اللون، كما وضعت الأمم المتحدة برنامج عمل لتحقيق العدالة الاجتماعية، يقوم على ما يلي: تدعيم العمالة وتعزيزها من خلال تأمين بيئة مؤسساتية واقتصادية مستدامة، بحيث يستطيع الأفراد تطوير وتحديث قدراتهم كي تزداد إنتاجيتهم، إضافةً للسعي لزيادة الفرص لاستقبال المزيد من العاطلين عن العمل؛ الأمر الذي يساهم في تخفيف البطالة تمهيداً للقضاء عليها.
ودعا الاعلان الى اتخاذ إجراءات وتدابير لتأمين الضمان الاجتماعي لكل أفراد المجتمع لاسيما العاملين منهم، ذلك من خلال توسيع الضمان الاجتماعي ليشمل الجميع، ومن هذه التدابير على سبيل المثال: (توفير دخل خاص للحماية الاجتماعية (الضمان الاجتماعي)، تأمين ظروف عمل صحية وآمنة (الضمان الصحي)، تحديد ساعات العمل، تحديد حد أدنى للأجور، (بحيث يضمن للفرد العامل وأسرته تأمين الحد الأدنى من المستوى المعيشي).
بدورها عرفت منظمة الأمم المتحدة العدالة الاجتماعية على أنها: المساواة في الحقوق بين جميع الشعوب، وإتاحة الفرصة لجميع البشر من دون تمييز للاستفادة من التقدم الاقتصادي والاجتماعي في جميع أنحاء العالم".، فتعزيز العدالة الاجتماعية ليس فقط لزيادة الدخل وخلق فرص العمل وإنما التركيز أيضاً على مسألة الحقوق والكرامة وحرية التعبير للعاملين.
وقال البيان انه يمكن لسياسات وبرامج الحماية الاجتماعية الشاملة والمصممة جيداً أن تخفف من آثار النزاعات الاجتماعية والحد الفقر وعدم المساواة وأن تبني مجتمعات شاملة للجميع، والحماية الاجتماعية هي واحدة من أهم العوامل المساهمة في الإدماج الاجتماعي وتتركز تدابير الحماية الاجتماعية على ضمانتين أساسيتن هما: ضمان دخل أساسي ولائق: والذي يمكن أن يكون نقداً أو عيناً ويركز على مجموعات غير قادرة على الحصول على عمل مربح مثل المعاشات التقاعدية لكبار السن والأشخاص ذووي الإعاقة، واستحقاقات دعم الأطفال والدخل وخدمات التوظيف للعاطلين عن العمل. والضمانة الاخرى حصول الجميع على الخدمات الاجتماعية الأساسية معقولة التكلفة في مجالات الصحة والمياه والمرافق الصحية والتعليم والأمن الغذائي والإسكان.
ولفت البيان الى ان الضمان يشمل حوالي ثلثي العمال في القطاع المنظم. ويتركز الثلث غير المشمول في المنشآت الصغيرة التي يعمل فيها أقل من خمسة عمال وذلك نتيجة الصعوبات اللوجستية وتهرب صغار أصحاب العمل من شمولهم، علمًا بأن معظم العاملين في هذا القطاع هم من الأقل أجرًا في الأردن.
كما لم يشمل الضمان العاملين في القطاع غير الرسمي، الذي يقدر عددهم بأكثر من نصف مليون عامل، وهم أيضًا من الفئات الأقل أجرًا، ولا العاطلين عن العمل، والذين يقدر عددهم بمئات الآلاف، وهم من الفئات الأشد فقرًا في الأردن.
كذلك، يعكس ضعف شمول النساء بالضمان (حيث يشكلن 28% من المشمولين بالضمان) حال المرأة الأردنية، فالعاملات في منازلهن لا يُشملن لارتفاع قيمة الاشتراكات، خاصة مع غياب الدعم الحكومي للضمان، بالإضافة لارتفاع عدد العاملات منهن في المنشآت الصغيرة وفي القطاع غير الرسمي.
وأخيرًا، لم يشمل الضمان فعليًا العمال الزراعيين الذين لا يوجد تقدير دقيق لعددهم. أما العمال الوافدون، فهم الأقل نسبةً بالشمول بالضمان، حيث يعمل أكثريتهم دون تصريح رسمي، أو في القطاعات غير الرسمية. إذ يشمل الضمان حوالي 160 ألف عامل وافد من أصل أكثر من 750 ألفًا، بنسبة تقارب الـ21% منهم.
أما البرامج التأمينية الأخرى في الضمان، ومنها تأمين العجز والوفاة المكملين لتأمين الشيخوخة والتأمينات الأخرى وفي مقدمتها تأمين إصابات العمل، فتعاني من مظاهر متعددة من إهمال العدالة الاجتماعية. هذا إلى جانب غياب تطبيق التأمين الصحي وتأمين المنح العائلية وتأمين البطالة، حيث تعتبر هذه التأمينات من أساسيات تطبيق العدالة الاجتماعية وهذا واضح جدًا، حيث أن الضعفاء والفقراء هم أكثر من يعاني من المرض ومن عبء الأسر الكبيرة ومن البطالة. ومن الملاحظ أن الكثير من تفاصيل التعديلات المتتالية للقانون قد أضرت أيضًا بهذه العدالة، حيث يتضاعف التمييز ضد الضعفاء والفقراء مع رفع سن التقاعد والتقاعد المبكر، وحيث يعاني هؤلاء من هذه التعديلات أضعاف ما سيعاني منه الأقوياء والأغنياء.
وترتفع كلف الاشتراك في مؤسسة الضمان الاجتماعي في حالتي الاشتراك الالزامي والاختياري ما يؤدي إلى تهرب المؤسسات في بعض الاحيان من إشراك العمالين لديها في الضمان الاجتماعي في ظل حالة الركود الاقتصادي خاصة بعد جائحة كورونا التي فاقمت الازمات الاجتماعية والاقتصادية في المملكة.
وبحسب دارسة صادرة عن منتدى الاتسراتيجيات الاردني (25%) من الاردنيين ليس لديهم أي شكل من أشكال التغطية الصحية.
بالنسبة للحماية الاجتماعية للعمال المهاجرين، شرح البيان انهم يشكلون حوالي 50% من اليد العاملة في الأردن (حوالي مليون نسمة)، وهم يمثّلون فئة العمّال الأكثر عرضةً للأذى. وهم يعملون في قطاعاتٍ متعدّدة، كالبناء والملابس والزراعة. إلّا أنّهم لا يحظون بالحماية الكاملة التي يوفّرها قانون العمل الوطني. فيتعذّر على العمّال المهاجرين الوصول إلى الحماية الاجتماعية. كما ويعيش الكثيرون منهم تحت خطّ الفقر أصلًا، ما يفاقمم الصعوبات المترتّبة عليهم.